دائرة الضيــــاع… ما يحضرني ولست أناديه… سمير العيساوي
سمير العيساوي
دائرة الضيــــاع
ما يحضرني ولست أناديه…
سمير العيساوي
حالمَا استيقظتُ من غفوة قبرتُ فيها، في لحظة ضعفٍ، إحساسي وهو في عنفوان رهافته، وجدتُني وسط دائرة شكـَّـلتْها نقط التقاء صفحتَيْ السماء والأرض، هناك في الأفق البعيد.
حاولتُ أن أبحث عن أمارة تترجم وجود نوع من الحياة من حولي، لكن دون نتيجة، فصرختُ صرخة استنجاد شقّت ائتلاف نسمات الأثير وهزّت أنسجة هدوء المكان، وكانت النتيجةُ دائماً هي: لا نتيجة. كل ما كانت تلتقطه أذناي كان صوت الصدى، صوت رمَّـلني بماء الجنون والحيرة..
وفي كل مرة كنتُ أحـاول فيها أنْ أسمح لنفسي وقلبـي بالغوص في سراديب الأحـــلام، كنتُ أشعر وكأن عيوناً آثمة ترقبني، وتنظر إلي في حقد وتطلّع، لنسف كل الصـبوات والأحلام فـي كأسي. كلما ازددت توغلا في امتداد زمني الكريه، زمن متورطة يده فـي جرائم قتل كل شيء جميل تجرأ وحاول اقتحام دائرتـي، أحسستُ بالرهبة من فـــــــراغ سطح تضاريس ما حولي، وتصعَّدت أنفاسي، ورأيت شبح الضياع يهصر رئتاي حتــــى أختنق، فأغمضت عينيّ كلوْنٍ من ألوان المقاومة ومحاولة النسيان، ومضــيت أجـــــري بلا اتجاه، وفي كل اتجاه، رغبة في الانفلات، رغبة في الخروج من الدائرة. واصلتُ الجري حتى استنفذت قواي وخررْت منهاراً على الأرض وأنا ألهث من شدة الإعياء. وبعد برهةٍ من الزمن، فتحتُ عينيّ، لأرى ما أفزعني وأخمدَ نار التطلــــّع للنجـاة في نفسي، لأرى أن كل شيء لمّا يزال على حاله : الدائرة تحيط بي وأنا دائما في وسطها وكأن مركزها جزءٌ منـّي، يسيرُ حين وحيث أسير ويسكنُ حين وحيث أسكن.
وفي وسط هذا القبر العريض المكشوف، أيقنتُ أن قبر الغفوة أرْحم، على الأقل هو يجنّبني الصّلى بنيران الإحساس بمعاناتي في دائرة الضياع، وأنا أنتظر قدوم ما لا يأتي…
فكرتُ لوهلة… واستقر عزمي على الرجوع إلى قبري الأول..
فرجعتُ… نعم لقد آثرت الرجوع إلى غفوتي في انتظار ما لا يأتي!
ولازلتُ أغْفُو منتظرا… أنتظر وأنتظر..
والذي لا يأتي..
ليس يأتي!؟؟..
دائرة الضياع
شبحٌ يطــــــاردُني يُدَمْدم بالوداعْ
شبحُ الضياع محــــيطُ دائرة الضيـاعْ
يلتفُّ حولـي، يخنق الأحلامَ مِنْ
حولي وحولي يقْتفي أثَـرَ الوِجــــاعْ
هاتــــــــيك دائـرةٌ أنا في وسْطها
ظلٌّ لمركـزهـــــــــا وجزءٌ من صراعْ
مـاذا أقــــــاوم؟ ريحَ عـــــاصـفـةٍ أحــبَّـتـنــي، أحـبَّـتْ لُـعـبـةً بـيـن الـضـلاعْ ؟
ماذا أقـــاوم؟ قطعةً من داخلـي
والموجُ منهـــا زورقي منهــا الشراعْ ؟
ماذا أحاول؟ لا خلاص وداخلي
سَبَبُ الذي في داخلي، يأبى السَّماعْ
حُلـمٌ ويأسٌ في نزاعٍ طاحنٍ
يتجاذَبانِ وليس لـي فضُّ النــــزاعْ
06 شتنبر 1993
دائرة الضيــــاع
ما يحضرني ولست أناديه…
سمير العيساوي
حالمَا استيقظتُ من غفوة قبرتُ فيها، في لحظة ضعفٍ، إحساسي وهو في عنفوان رهافته، وجدتُني وسط دائرة شكـَّـلتْها نقط التقاء صفحتَيْ السماء والأرض، هناك في الأفق البعيد.
حاولتُ أن أبحث عن أمارة تترجم وجود نوع من الحياة من حولي، لكن دون نتيجة، فصرختُ صرخة استنجاد شقّت ائتلاف نسمات الأثير وهزّت أنسجة هدوء المكان، وكانت النتيجةُ دائماً هي: لا نتيجة. كل ما كانت تلتقطه أذناي كان صوت الصدى، صوت رمَّـلني بماء الجنون والحيرة..
وفي كل مرة كنتُ أحـاول فيها أنْ أسمح لنفسي وقلبـي بالغوص في سراديب الأحـــلام، كنتُ أشعر وكأن عيوناً آثمة ترقبني، وتنظر إلي في حقد وتطلّع، لنسف كل الصـبوات والأحلام فـي كأسي. كلما ازددت توغلا في امتداد زمني الكريه، زمن متورطة يده فـي جرائم قتل كل شيء جميل تجرأ وحاول اقتحام دائرتـي، أحسستُ بالرهبة من فـــــــراغ سطح تضاريس ما حولي، وتصعَّدت أنفاسي، ورأيت شبح الضياع يهصر رئتاي حتــــى أختنق، فأغمضت عينيّ كلوْنٍ من ألوان المقاومة ومحاولة النسيان، ومضــيت أجـــــري بلا اتجاه، وفي كل اتجاه، رغبة في الانفلات، رغبة في الخروج من الدائرة. واصلتُ الجري حتى استنفذت قواي وخررْت منهاراً على الأرض وأنا ألهث من شدة الإعياء. وبعد برهةٍ من الزمن، فتحتُ عينيّ، لأرى ما أفزعني وأخمدَ نار التطلــــّع للنجـاة في نفسي، لأرى أن كل شيء لمّا يزال على حاله : الدائرة تحيط بي وأنا دائما في وسطها وكأن مركزها جزءٌ منـّي، يسيرُ حين وحيث أسير ويسكنُ حين وحيث أسكن.
وفي وسط هذا القبر العريض المكشوف، أيقنتُ أن قبر الغفوة أرْحم، على الأقل هو يجنّبني الصّلى بنيران الإحساس بمعاناتي في دائرة الضياع، وأنا أنتظر قدوم ما لا يأتي…
فكرتُ لوهلة… واستقر عزمي على الرجوع إلى قبري الأول..
فرجعتُ… نعم لقد آثرت الرجوع إلى غفوتي في انتظار ما لا يأتي!
ولازلتُ أغْفُو منتظرا… أنتظر وأنتظر..
والذي لا يأتي..
ليس يأتي!؟؟..
دائرة الضياع
شبحٌ يطــــــاردُني يُدَمْدم بالوداعْ
شبحُ الضياع محــــيطُ دائرة الضيـاعْ
يلتفُّ حولـي، يخنق الأحلامَ مِنْ
حولي وحولي يقْتفي أثَـرَ الوِجــــاعْ
هاتــــــــيك دائـرةٌ أنا في وسْطها
ظلٌّ لمركـزهـــــــــا وجزءٌ من صراعْ
ماذا أقــــــاوم؟ ريحَ عـــــاصفةٍ أحـبَّتنـي، أحبَّتْ لُعبةً بين الضلاعْ ؟
ماذا أقـــاوم؟ قطعةً من داخلـي
والموجُ منهـــا زورقي منهــا الشراعْ ؟
ماذا أحاول؟ لا خلاص وداخلي
سَبَبُ الذي في داخلي، يأبى السَّماعْ
حُلـمٌ ويأسٌ في نزاعٍ طاحنٍ
يتجاذَبانِ وليس لـي فضُّ النــــزاعْ
06 شتنبر 1993


2020
Samir Aissaoui
سمير العيساوي
Poète
شـــاعـر
سَوْفَ أَجْعَلُ منَ الأجْــزاءِ الحَجريَّةِ في قــُـلوبِ البَـشَر أَرْصِفـَـةً للطرُقِ المُـؤدِّيةِ إلى الحـُــبّ..